الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي

الفرق بين الشكوى والدعوى

يُعد الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي من المفاهيم الأساسية التي يجب على كل من يتعامل مع الجهات القضائية والإدارية فهمها بدقة، نظرًا لتأثيره المباشر على الإجراءات النظامية المتبعة، والجهة المختصة، والنتائج المترتبة على كل منهما. فالتمييز بين الشكوى كأداة لتحريك المسؤولية الجنائية، والدعوى كإجراء قضائي للفصل في الحقوق، يحدد المسار الصحيح لاسترداد الحقوق أو المطالبة بالحماية النظامية .

يتناول هذا المقال شرحًا وافيًا لـ مفهوم الشكوى في النظام السعودي، وأنواع الدعوى من مدنية وجزائية وعينية وشخصية، مع بيان الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي، من حيث من يملك تقديمها، والجهة المختصة بالنظر فيها، والهدف من كل منهما. كما يستعرض المقال الفروقات العملية، والتفاوت في الأهداف بين المعالجة الجنائية والتعويض المدني، إضافة إلى تسليط الضوء على الشكوى الكيدية والدعوى الكيدية من حيث الضوابط والعقوبات، ويُختتم بـ دليل عملي يُبين متى يلجأ الشخص إلى تقديم شكوى، ومتى يكون من الأنسب رفع دعوى أمام القضاء.

مفهوم الشكوى في النظام السعودي

الشكوى في النظام السعودي هي إجراء يبدأ به المجني عليه (أو من ينوب عنه أو وارثه في بعض الحالات) ضد شخص محدّد ارتكب فعلًا مخلًّا بحق خاص، بهدف تحريك الدعوى الجزائية عندما يقتضي الأمر. 

وتُقدَّم هذه الشكوى إلى النيابة العامة أو رجال الضبط وفقًا لنظام الإجراءات الجزائية المواد (16 و17) ، ولكن هناك شروط يجب توافرها في الشكوى وهي الآتي:

  • أن تكون الجريمة من النوع الذي لا تتحرك فيه الدعوى إلا بشكوى:  مثل جرائم العرض، أو القذف، أو خيانة الأمانة، وغيرها مما ينص عليه النظام صراحة.
  • أن تُقدَّم من المجني عليه أو من يمثله نظامًا: كوكيله الشرعي أو وليه في حال كان قاصرًا أو فاقدًا للأهلية.
  • أن تُقدَّم خلال مدة محددة:  وهي ثلاثة أشهر من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها، وفي حال تجاوز المدة يسقط حقه في تحريك الدعوى، ما لم يوجد نص نظامي يقرر خلاف ذلك.
  •  أن تُقدَّم إلى جهة مختصة:  كالنيابة العامة أو مراكز الشرطة، وذلك لضمان نظامية الإجراء وتحريك الدعوى وفق القنوات الرسمية.
  • ألا يكون قد سبق للمجني عليه التنازل عنها بعد تقديمها:  لأن التنازل يُسقط الحق في بعض الجرائم الخاصة إذا كانت الشكوى شرطًا لتحريك الدعوى..

مفهوم الدعوى: أنواعها: مدنية، جزائية، عينية، وشخصية

الدعوى في النظام السعودي تمثّل الإجراء الرسمي لإقامة الحق أمام المحكمة، وقد تكون:

  • دعوى جزائية:  لطلب العقوبة، سواء كانت عامة (تقوم بها النيابة) أو خاصة (يقوم بها المجني عليه). يميّز النظام في المادة (16) دعوى الحق الخاص، وتنظيم إجراءاتها في المحكمة  .
  • دعوى مدنية:  للمطالبة بالتعويض أو النفقة أو العِرض.
  • دعوى عينية:  لاستعادة أو حفظ ممتلكات أو حق عينى.
  • دعوى شخصية: لاسترداد حق شخصي أو رفع ظلم.

المشترك بين هذه الأنواع هو أن الدعوى تمثّل عرض الحق أمام القضاء وفق ضوابط النظام السعودي.

يمكنك الإطلاع على دعوى فسخ عقد الزواج بسبب الغش والتدليس في النظام السعودي-الشروط والإجراءات القانونية

الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي

الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي
الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي

 النظام السعودي بوضوح بين الشكوى والدعوى، رغم ارتباطهما الوثيق في السياق الإجرائي ، وإليك الفرق بينهما:

  • الشكوى:  تُعد إجراءً تمهيديًا يقوم به المجني عليه أو من يمثله، يُبلّغ من خلاله الجهات المختصة بوقوع جريمة معينة، وتكون لازمة لتحريك الدعوى الجزائية في بعض الجرائم الخاصة، مثل السب والقذف وخيانة الأمانة.
  • الدعوى:  هي الإجراء الرسمي الذي يُباشر أمام القضاء للفصل في نزاع محدد، سواء كان نزاعًا جنائيًا أو مدنيًا. 

 وبذلك يتضح  الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي فالشكوى هي وسيلة لتحريك الدعوى في بعض الحالات، في حين أن الدعوى تمثل المرحلة القضائية التي يُبت فيها في الحق المدّعى به. 

التفريق العملي: من يرفع، وأين تُرفع الشكوى أو الدعوى؟

من الناحية العملية، يوجد فرق  بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي من حيث الجهة المختصة بتلقيها وفي الشخص الذي يملك حق تقديمها كالآتي :

  • الشكوى:  تُقدَّم من المجني عليه أو من يمثله نظامًا إلى جهات الضبط أو التحقيق مثل مراكز الشرطة أو النيابة

    العامة، وذلك للإبلاغ عن جريمة يُشترط لتحريك الدعوى بشأنها وجود شكوى مسبقة (مثل السب، القذف، وخيانة

    الأمانة). وهي إجراء أولي لا يُنظر فيه أمام المحكمة مباشرة.

  • الدعوى:  تُرفع من صاحب الحق أو من له مصلحة مباشرة أمام المحكمة المختصة (كالجزائية، أو العامة، أو

    التجارية)، ويطلب فيها المدعي إصدار حكم قضائي بإثبات حقه أو رد اعتداء وقع عليه، سواء أكان مدنيًا أو جزائيًا أو تجاريًا.

هذا التفريق ينعكس بشكل مباشر على مسار الإجراءات القضائية، حيث تُعد الشكوى مدخلًا لبعض الدعاوى الجزائية، في حين أن الدعوى تمثل المرحلة القضائية الرسمية التي يُبت فيها في أصل النزاع.

تعرف أيضا على المستندات المطلوبة لرفع دعوى مطالبة مالية في السعودية

التفاوت في الأهداف: معالجة جنائية مقابل تعويض مدني

يبرز الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي أيضًا من حيث الهدف النظامي لكل منهما. فالشكوى تسعى إلى تحريك المسؤولية الجنائية بحق الجاني، وتستهدف توقيع عقوبة جزائية عليه، مثل السجن أو الغرامة، بما يخدم الردع العام وحماية النظام العام. 

أما الدعوى، خاصةً الدعوى المدنية، فتركز على جبر الضرر الذي لحق بالمدعي، من خلال المطالبة بالتعويض المالي أو إعادة الحال إلى ما كان عليه. وبالتالي، فإن الغاية من الشكوى هي محاسبة الجاني جنائيًا، في حين أن الغاية من الدعوى هي استعادة الحقوق الخاصة أو تعويض الضرر، دون أن تشترط دائمًا وجود جريمة.

 هذا التفاوت في الأهداف ينعكس على مسار الإجراءات والجهة المختصة والنتيجة النهائية لكل منهما.

الشكوى الكيدية والدعوى الكيدية: الضوابط والعقوبات

في النظام السعودي، يُفرّق بدقة بين الشكوى الكيدية والدعوى الكيدية، وكلاهما يُعدّان من صور إساءة استعمال الحق في التقاضي، ويترتب عليهما مسؤولية نظامية.

 فالشكوى الكيدية هي بلاغ يُقدمه الشخص ضد آخر بنية الإضرار به ومن دون وجود واقعة صحيحة أو دليل مشروع، وغالبًا ما تكون في جرائم تمس السمعة أو العرض.

 أما الدعوى الكيدية، فهي إقامة دعوى أمام المحكمة دون وجه حق أو سند صحيح، بهدف الإضرار بالمدعى عليه أو تأخيره عن مصالحه.

وقد قررت الأنظمة السعودية عقوبات رادعة لكلا الحالتين، تشمل المطالبة بالتعويض عن الضرر، وفرض غرامة مالية، بل وقد يُحال مقدم الشكوى أو الدعوى الكيدية للمساءلة الجنائية إذا ثبت تعمد الكذب والإضرار، كما تنص على ذلك المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ومواد نظام المرافعات الشرعية ذات الصلة. 

ويُشترط في إثبات الكيدية وجود نية مسبقة للإضرار، وانعدام الأدلة الجادة، وأن يثبت كذب الادعاء بشكل قطعي، وهو ما يجعل القضاة يتشددون في التحقق قبل توقيع العقوبة.

متى تلجأ للشكوى ومتى إلى رفع الدعوى؟ دليلك العملي

متى تلجأ للشكوى ومتى إلى رفع الدعوى؟
متى تلجأ للشكوى ومتى إلى رفع الدعوى؟

يتوقف اختيار المسار بين تقديم الشكوى ورفع الدعوى على نوع القضية والغاية المرجوة من الإجراء. 

فإذا كنت ضحية لجريمة يُعاقب عليها النظام، كحالة السب، أو القذف، أو التهديد، أو النصب، وتطلب معاقبة الجاني جنائيًا، فالخطوة الأولى تكون بتقديم شكوى إلى الجهات المختصة مثل الشرطة أو النيابة العامة، خاصة إذا كانت من الجرائم التي لا تتحرك فيها الدعوى الجزائية إلا بناءً على شكوى.

 أما إذا كان هدفك هو الحصول على تعويض مالي، أو استرداد حق مدني، أو تنفيذ عقد، كالمطالبة بدين أو فسخ عقد إيجار، فالمسار الصحيح هو رفع دعوى أمام المحكمة المختصة. 

وفي بعض الحالات، قد تبدأ بالشكوى ثم يُتاح لك لاحقًا المطالبة بالتعويض من خلال دعوى مدنية تكمّل الإجراء الجزائي. لذا، يعتمد الاختيار على نوع الحق المعتدى عليه (عام أم خاص)، وما إذا كان الفعل يُشكل جريمة أم لا، وعلى النتيجة التي ترغب في تحقيقها: عقوبة، تعويض، أو كلاهما.


في الختام يتضح أن  الفرق بين الشكوى والدعوى في النظام السعودي مسألة جوهرية لكل من يسعى إلى حماية حقه أو الدفاع عنه عبر الوسائل النظامية. فمن خلال هذا المقال، تبين لنا أن الشكوى تُقدَّم لتحريك المسؤولية الجنائية في جرائم محددة، بينما الدعوى تُرفع أمام القضاء للفصل في الحقوق سواء كانت مدنية أو جزائية أو عينية أو شخصية.

كما أوضحنا الفروقات العملية من حيث الجهة المختصة والشخص المخول بالتقديم، والهدف من كل مسار، سواء كان معاقبة الجاني أو المطالبة بالتعويض، إضافة إلى بيان المخاطر النظامية المرتبطة بالشكوى أو الدعوى الكيدية والعقوبات المترتبة على إساءة استعمال الحق.

إلى أى مدى أعجبتك المقالة؟

انقر على النجوم لتقييمه من 5!

متوسط ​​التقييم 5 / 5. عدد التقييمات: 465

لا توجد تقييمات حتى الآن! كن أول من يقيم المقالة.

Share this content:

محامي السعودية : يهتم بنشر المحتوى القانوني والتعرف بأفضل محامي في جدة وكذلك أفضل محامي في الدمام والرياض , كما نسعى جاهدين للتحسين والتدقيق بمساعدة المشتركين أيضا

إرسال التعليق

Call Now Button