حقوق والتزامات العمل عن بعد في السعودية
يُعد نظام العمل عن بعد في السعودية أحد أبرز التحولات الحديثة التي تبنّتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بهدف دعم التحول الرقمي وتعزيز مرونة سوق العمل حيث يتيح هذا النظام بيئة عمل تُراعي ظروف الموظفين وتوسّع دائرة الفرص الوظيفية، خاصة للفئات التي تواجه صعوبات في الوصول إلى مقار العمل، مثل ذوي الإعاقة وسكان المناطق الطرفية.
يتناول هذا المقال المحاور الأساسية التي تنظّم العمل عن بعد في السعودية، بدءًا من التعريف والأهداف الاستراتيجية، مرورًا بـ شروط عقد العمل عن بعد وأبرز بنوده، ثم بيان حقوق العامل وواجباته الأساسية ،كما يستعرض المقال التزامات صاحب إلى جانب شرح أنواع عقود العمل عن بعد (كامل، جزئي، مرن)، ومدى تطبيق التوطين على الوظائف عن بعد، ويختتم المقال بتوضيح آلية نقل الموظف من العمل الحضوري إلى العمل عن بعد وفقًا للأنظمة واللوائح المعمول بها.
ما هو نظام العمل عن بعد في السعودية؟ تعريف ورؤية 2025
نظام العمل عن بعد في السعودية هو أحد الأنماط المعتمدة رسميًا ضمن إطار تنظيمي تصدره وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية
ويُعرف بأنه: “كل عمل يمكن إنجازه خارج مقر المنشأة باستخدام وسائل التقنية والاتصال المعتمدة”، وفقًا لما جاء في الدليل الإجرائي لبرنامج العمل عن بعد المعتمد عام 2020 والمحدّث في 2024.
ويُعد هذا النظام جزءًا أساسيًا من رؤية السعودية 2030، إذ يهدف إلى خلق فرص وظيفية تتجاوز الحواجز الجغرافية، وتوسيع مشاركة المرأة وذوي الإعاقة، وتوفير بيئة مرنة للعاملين في مختلف مناطق المملكة.
يُشرف على هذا النظام “برنامج العمل عن بعد” الذي أُطلق رسميًا لتسجيل العقود، وضمان احتساب العامل ضمن نطاقات التوطين، وتوثيق الحقوق بين الأطراف.
الجدير بالذكر أنه من خلال العمل عن بعد في السعودية، يستطيع العامل أداء مهامه الوظيفية سواء من المنزل أو أي مكان آخر، بشرط الالتزام بالعقد الرسمي، وضوابط العمل، وأدوات المراقبة والإنتاجية المعتمدة من صاحب العمل.
تعرف أيضا على عقوبة العمل بدون عقد عمل في السعودية
شروط عقد العمل عن بعد وأهم بنوده

يُعد عقد العمل عن بعد في السعودية وثيقة نظامية مُلزمة تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الذي يؤدي مهامه من خارج مقر المنشأة، سواء بشكل كلي أو جزئي.
ووفقًا لما ورد في المادة 2 من لائحة تنظيم العمل عن بعد الصادرة عن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يجب أن يكون هذا العقد مكتوبًا ومسجلاً عبر بوابة “العمل عن بعد”، لضمان الشفافية وحماية الحقوق للطرفين.
ومن أبرز الشروط والبنود التي يجب أن يتضمنها العقد:
- البيانات الأساسية للطرفين: (الاسم، الهوية، العنوان، وسيلة التواصل الرسمية).
- تحديد نوع الوظيفة : ومهام العمل عن بعد بشكل واضح.
- ساعات العمل: سواء كانت دوامًا جزئيًا أو كليًا، وعدد الساعات اليومية والأسبوعية.
- مكان أداء العمل: مثل المنزل أو موقع آخر محدد ومعتمد.
- الأجر وبدلاته: يشمل الراتب الأساسي وبدل الاتصال أو المعدات إن وجد.
- مدة العقد: محددة أو غير محددة مع بيان تاريخ بداية ونهاية العقد إن وُجد.
- الالتزامات الفنية والتقنية: مثل التزام العامل باستخدام وسائل الحماية الإلكترونية أو البرامج المعتمدة.
- سياسات المراقبة والمتابعة: تحديد الآليات التي يستخدمها صاحب العمل لمتابعة الأداء دون انتهاك الخصوصية.
- آلية إنهاء العقد أو تجديده: وشروط الإشعار أو التعويض في حال فسخه.
تُسهم هذه البنود في حفظ التوازن المهني، وضمان الحقوق والواجبات لكل طرف في ظل بيئة العمل المرنة، وتتماشى مع أحكام نظام العمل السعودي وتحديثات الوزارة ذات الصلة.
حقوق العامل عن بعد: أجر، تأمين، وترقيات
يتمتع العامل عن بعد في السعودية بكامل الحقوق التي كفلها نظام العمل للعاملين الحضوريين، مع مراعاة طبيعة هذا النمط المرن من التوظيف.
ويشمل ذلك الحق في الأجر المتفق عليه ضمن عقد العمل، والذي يجب أن يُصرف في مواعيده المحددة دون تأخير، مع تحديد آلية الإنجاز والتقييم بناءً على المخرجات.
كما يلتزم صاحب العمل بتسجيل العامل في التأمينات الاجتماعية، سواء في فرع المعاشات أو التأمين ضد التعطل عن العمل “ساند”،
أما في ما يخص الترقيات والمزايا الوظيفية، فيجب أن تكون متاحة للعامل عن بعد بنفس الشروط المطبقة على الموظفين الآخرين، وألا يُحرم من التطور الوظيفي بسبب طبيعة عمله، بشرط التزامه بمعايير الأداء والإنتاج.
واجبات الموظف عن بعد: حماية البيانات والانضباط
يلتزم الموظف عن بعد في السعودية بعدة واجبات أساسية تضمن استمرارية العمل بكفاءة وتحقيق الأهداف التنظيمية، وفي مقدمتها الحرص على حماية البيانات والمعلومات المتعلقة بالعمل.
ويشمل ذلك عدم مشاركة أي ملفات أو مستندات سرية خارج بيئة العمل الرقمية الآمنة، والامتثال لسياسات الأمن السيبراني المعتمدة من جهة العمل، تفاديًا لأي تسريب أو اختراق.
كما يُلزم الموظف بالحفاظ على الانضباط الوظيفي من حيث الالتزام بساعات العمل المتفق عليها، الحضور الفعّال في الاجتماعات الافتراضية، وتسليم المهام في المواعيد المحددة
ويُعد الإخلال بهذه الواجبات خرقًا للعقد قد يُعرض الموظف للمساءلة التأديبية.
التزامات صاحب العمل: أدوات، مراقبة الأداء، وضمان الحقوق
وفقًا لنظام العمل السعودي ولائحة تنظيم العمل عن بعد، يلتزم صاحب العمل عن بعد بالآتي:
- توفير الأدوات والتجهيزات التقنية: على صاحب العمل توفير الوسائل اللازمة لأداء المهام عن بعد (مثل الحاسب الآلي، البرمجيات، ووسائل الاتصال) ما لم يُتفق خلاف ذلك في عقد العمل.
- تحديد آليات موضوعية لمراقبة الأداء: يجب وضع نظام واضح لتقييم إنتاجية الموظف عن بعد بناءً على جودة المخرجات والالتزام بالمواعيد، مع احترام الخصوصية وعدم فرض رقابة تنتهك الحياة الشخصية.
- ضمان الحقوق النظامية للعامل: يتوجب تسجيل الموظف في التأمينات الاجتماعية (فرع المعاشات و”ساند”)، والالتزام بدفع الأجر في موعده، ومنحه الإجازات والمزايا الوظيفية أسوةً بزملائه العاملين حضورياً.
- عدم التمييز في التطور الوظيفي: يجب أن يُعامل الموظف عن بعد بعدالة فيما يخص الترقيات، والتدريب، وفرص التطوير المهني، وفقًا للمعايير المعتمدة في بيئة العمل.
- الالتزام باللوائح التنظيمية: يجب أن يتماشى كل ما سبق مع أحكام نظام العمل السعودي ولائحة تنظيم العمل عن بعد الصادرة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
أيضا إذا كانت صاحب عمل يمكنك الإطلاع على لوائح تنظيم العمل في السعودية وأهميتها للشركات والمؤسسات
أنواع عقود العمل عن بعد: جزئي، كامل، مرن
أتاحت لائحة تنظيم العمل عن بعد في السعودية عدة أنماط من العقود التي تواكب احتياجات سوق العمل وتمنح مرونة أكبر للعاملين وأصحاب الأعمال. وتشمل هذه العقود:
عقد العمل عن بعد الكامل
يعمل الموظف بموجبه عن بعد بشكل كامل دون الحضور إلى مقر المنشأة، ويؤدي جميع مهامه من مكانه باستخدام الوسائل التقنية، ويخضع لكافة الحقوق والواجبات المنصوص عليها في نظام العمل.
عقد العمل عن بعد الجزئي
يجمع هذا العقد بين العمل الحضوري والعمل عن بعد، حيث يُخصّص جزء من وقت العمل لإنجاز المهام من خارج مقر العمل، ويُحتسب الأجر والالتزامات النظامية بناءً على ساعات أو أيام العمل المتفق عليها.
عقد العمل المرن عن بعد
يُمنح العامل في هذا النوع مرونة في تحديد ساعات عمله ضمن إطار زمني متفق عليه، سواء كان عمله كاملًا أو جزئيًا، بشرط الالتزام بالمخرجات المطلوبة ومراعاة احتياجات العمل.
تتيح هذه الأنواع من العقود فرصًا متنوعة تناسب فئات متعددة من القوى العاملة، وتُسهم في تعزيز التوازن بين الحياة المهنية والشخصية ضمن إطار نظامي منظم وواضح.
مدى تطبيق التوطين على العمل عن بعد
يخضع العمل عن بعد في السعودية لنفس نسب ومتطلبات التوطين المعمول بها في أنشطة العمل الحضوري، وذلك تطبيقًا لما أكدته وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في لائحة تنظيم العمل عن بعد.
ويُحتسب الموظف السعودي العامل عن بعد ضمن نسب التوطين (نطاقات) شريطة استيفاء الشروط النظامية، مثل التسجيل في التأمينات الاجتماعية، وإبرام عقد موحد عبر منصة “العمل عن بعد”، والارتباط الفعلي بالمنشأة.
ويُشترط كذلك ألا يعمل الموظف عن بعد لدى أكثر من منشأة في الوقت ذاته بشكل يُخل بمصداقية العلاقة التعاقدية.
ويُعد هذا التوجه جزءًا من رؤية السعودية 2030 لتعزيز مشاركة المواطنين في سوق العمل ودعم أنماط التوظيف الحديثة التي تتيح فرصًا أكبر للفئات غير القادرة على الالتحاق بالوظائف التقليدية، مثل ذوي الإعاقة وسكان المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية.
نقل الموظف من المكتب للعمل عن بعد

يُعد نقل الموظف من العمل الحضوري في المكتب إلى نظام العمل عن بعد في السعودية إجراءً تنظيميًا مشروعًا، لكنه يستلزم موافقة الطرفين وتعديل عقد العمل بما يتوافق مع طبيعة النمط الجديد، وفقًا لأحكام نظام العمل السعودي ولائحة تنظيم العمل عن بعد.
ولا يجوز لصاحب العمل فرض هذا التحويل دون موافقة خطية من الموظف، إلا إذا نص العقد الأصلي أو لائحة المنشأة الداخلية على إمكانية تعديل مكان أداء العمل.
ويجب عند النقل تحديد تفاصيل المهام، وساعات العمل، وآليات المتابعة والتواصل، إلى جانب الالتزامات المتعلقة بتوفير الأدوات التقنية وحماية البيانات.
كما ينبغي ضمان عدم الإخلال بحقوق الموظف مثل الأجر، التأمين، والإجازات، مع استمرار تسجيله في التأمينات الاجتماعية. ويُعد هذا الإجراء فرصة لتعزيز مرونة بيئة العمل وتحسين التوازن بين الحياة المهنية والشخصية عند تطبيقه بشكل منظم وتوافقي.
ملخص عام للعمل عن بعد في السعودية
في ظل التحول الرقمي الذي تشهده المملكة، يُمثل العمل عن بعد في السعودية أداة فاعلة لدعم التوظيف وتعزيز الإنتاجية، لا سيما للفئات التي يصعب دمجها في بيئات العمل التقليدية ،وقد ساهمت اللائحة التنظيمية في رسم إطار نظامي واضح ينظّم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، من خلال تحديد العقود، وضمان الحقوق، وتفعيل الواجبات، بما يضمن العدالة والاستقرار ،ومع تنوّع أنماط عقود العمل عن بعد، وشمولها في برامج التوطين، وتيسير الانتقال من العمل المكتبي إلى العمل عن بعد، أصبح هذا النموذج أكثر تكاملًا مع أهداف رؤية 2025. ويظل الالتزام بالضوابط التنظيمية، خاصة في ما يتعلق بحماية البيانات ومراقبة الأداء، شرطًا أساسيًا لنجاح التجربة وتحقيق أقصى استفادة منها لجميع الأطراف.
Share this content:
إرسال التعليق